بقلم: دعاء عوض
كانت أحلام طفلة صغيرة لم تتعد عامها السادس بعد. واشتهرت أحلام بأناملها
الصغيرة الهزيلة ولكنها بالرغم من ذلك حباها الله موهبة صنع الأشياء، فكانت تمكث
بغرفتها ساعات طويلة فتبتكر وتصنع كل ما يحلو لها من ورق الكرتون الملون، وذات
ليلة قررت أحلام عمل فراشة صغيرة وبدأت فى
استخدام أدواتها من المقص ومواد اللصق والكرتون الملون حتى اكتملت فراشتها وصاحت
قائلة: "يالك من فراشة هائلة".
وبعد فترة من الوقت خلدت إلى النوم وحينما استرخى جسدها شعرت باهتزازات
هواء من فوقها فانتفضت الصغيرة وصاحت: "من؟ الفراشة ؟!". فأجابتها
الفراشة: "نعم إنه أنا".
قالت أحلام هامسة: "صنعت لها جناحين ولكن .."
قاطعت الفراشة أحلام قائلة: "أنت فتاة صغيرة وجميلة نتشابه ونختلف
أحيانا فأنا مثلك صغيرة، لك أنامل ضعيفة ولى أجنحة رقيقة، ترتدين ألوانا زاهية
مثلى ولكنك لا تستطيعين التحليق فى الهواء فليس لديك أجنحة، تمتلكين ساقين وأمتلك
ستة أرجل".
انتبهت أحلام قائلة: "ستة أرجل!". فقالت الفراشة الصغيرة:
"نعم فالحشرات جميعها تمتلك ستة أرجل".
انزعجت أحلام وقالت: "ولكنى صنعت لك اثنين من الأرجل".
ضحكت الفراشة وقالت: "أعلم ذلك ولهذا السبب جعلتى سيرى بطيئا ولكن لا
بأس فعند بزوغ الشمس سأعود إلى مكانى لتكملى لى الأربعة الباقية". هنا توقفت
أحلام وتذكرت أنها دائما لا تعرف الفرق بين الفراشة والنحلة فأخبرتها بذلك. قالت
الفراشة الصغيرة:
"الفراشات لها أشكال وألوان عديدة، فهى تفرز مواد صبغية تحتوى على تلك
الألوان، مع اقترانها بضوء الشمس الذى ينعكس عليها فتنتج تلك الألوان البديعة،
مهمتنا الأولى فى الغذاء هى رحيق الزهور، نعيش فى أماكن متعددة، فنسكن البيوت
والعشش والغابات والصحارى، نبحث عن الدفء دائما فى فصل الشتاء، حتى أننا نهاجر
أحيانا من أجله، لنا أجنحة نستخدمهما فى الطيران كمعظم الحشرات، وبالطبع ستة أرجل،
نزود بما يسمى قرون الإستشعار، والتى نستخدمها فى حاسة الشم وتمييز الدخلاء أو
الغرباء عن عالمنا، شأن جميع الحشرات.
أما النحل فقد يشبهنا أحيانا، فله أجنحة مثلنا للتحليق والطيران، لديه ستة
أرجل، وقرون استشعار أيضا، يمتص رحيق الزهور، ولكنى لا أستطيع أن أنكر فائدته
الكبرى فى إنتاج العسل الذى يعد مصدر غذاء
كبير للإنسان كذلك إنتاج المادة الشمعية، ولكن النحل يستطيع الدفاع عن نفسه أكثر
منا فيقوم بما يسمى بلسعة النحل، وذلك عند مهاجمة أى مخلوق له أو لخليته، فهو
يستطيع التعرف على الدخلاء عنه لأنه يمتلك حراس الخلية الذين يقومون بحراسة الخلية
ضد الدخلاء، وهم من إناث النحل، كما أن هناك وصيفات يقمن بحراسة الملكة ورعايتها،
وبذلك ينقسم عالم النحل إلى ملكة ووصيفات وذكور، والذكر هنا مهمته تلقيح الملكة فى
موسم التزاوج، وعالم النحل نشيط ومنظم، يأبى الروائح الكريهة ويقوم الحراس بطرد
النحل ذى الرائحة الكريهة حتى يتخلص من رائحته ويدخل خليته نظيفا معافا، ولهذه
الأسباب تهتمون أكثر بعالم النحل".
أيقنت أحلام حزن الفراشة قائلة:
"لا تبتأسى، تستطعين العيش معى وسوف ترين منى معاملة حسنة".
قالت الفراشة: "هذا من حسن حظى، ولكنى أحب عالمى جدا، فهل تتركينى آتى
إليك على فترات؟".
قالت أحلام: "نعم سأتركك، ولكن أعدينى بذلك".
فرحت الفراشة وقالت: "الآن لى صديقة من عالم البشر. أشكرك بشدة.
والآن سوف أعود إلى مكانى لتكملى لى فى الصباح الأرجل الناقصة. ولتتمى
أجنحتى أيضا".
انتقلت الفراشة إلى مكانها سعيدة فرحة، ولكن صوت ذبذباتها عند عودتها أزعج
أحلام الرقيقة كثيرا، حتى انتفضت تحدق فيما حولها قائلة:
"الفراشة أين هى؟! آه يبدو أنه حلم، بالفعل كان حلما، ولكنى صنعت لها اثنين فقط من الأرجل، وقد أخبرتنى
الفراشة فى الحلم أن هذا خطأ، وأيضا ألزمتنى بإتمام الأجنحة. لم تبلغنى عن عددها.
يبدو أننى أخطأت فى التقدير. أحيانا نستفيد من أحلامنا، لذلك فعلى تحرى الدقة
دائما قبل أى خطوة وجمع المعلومات الازمة". اقتربت أحلام من الفراشة مبتسمة
وقالت: "أشكرك أيتها الفراشة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق